ماريك هالتر- لوفيغارو
شهادة- قام الباحث و الكاتب اليهودي و الذي نشر مؤخرا رواية جديدة باسم "ملكة سبأ " عن دار روبرت لافون،بزيارة إلى دمشق التقى خلالها زعيم حماس خالد مشعل و ذلك قبل ساعات قليلة من الهجوم الإسرائيلي على غزة . في هذا اللقاء أثار خالد مشعل شروط الإفراج عن جلعاد شاليط المحتجز لدى حماس منذ العام 2006. كما أكد بأن حركته جاهزة لاتفاق مع إسرائيل و لكن على قاعدة حدود العام 1967. اتفاق لا يمكن و بحسب خالد مشعل أن يحقق إلا من خلال القوة.
" إن الجندي الإسرائيلي من أصول فرنسية جلعاد شاليط، الرهينة الشاب، المختطف منذ أكثر من عامين من قبل حماس، بصحة جيدة . و سيعامل بشكل جيد . إن حماس هي التي تمثل الشعب و ليس السلطة الفلسطينية . إن ما يريد محمود عباس الحصول عليه عن طريق المفاوضات ستحصل عليه حماس من خلال القوة . إن مطالب حماس قد تغيرت: فحماس مستعدة لاتفاق مع إسرائيل على قاعدة حدود العام 1967."
هذا ما أخبرني به خالد مشعل زعيم الحركة الإسلامية الفلسطينية. ففي الـ26 من كانون الأول الماضي و في منتصف الليل و عشية الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية كرد على إطلاق الصواريخ على المناطق الجنوبية من إسرائيل.
التقينا بخالد مشعل في إحدى ضواحي دمشق. فأصدقاء سوريون كانوا قد حضروا لهذا اللقاء منذ وقت طويل. تدرج حماس ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي.
فلو تحدث هابيل مع قابيل لما قتل الأخ أخاه . لطالما آمنت بأن على المرء أن يتحدث إلى عدوه. الكلمة هي السلاح الوحيد التي يمكن أن تمنع أو توقف الحرب. و إن تعلق الأمر بإنقاذ روح إنسانية فإن التوراة تسمح لنا بخرق حرمة السبت.
تطرقنا مع خالد مشعل إلى قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط. و أكد لنا بأن الجندي بخير و بأنه بتفهم قلق والديه و طلب من خلالنا بطمأنتهم.
برر مشعل نفسه قائلا : كان من الممكن لحماس أن يأخذ مدنيين كرهائن . و لكنه أسر عسكريا: أليس حماس و إسرائيل في حالة حرب؟ للأسف وقع الأمر على هذا الجندي من أصول فرنسية.
يحترم خالد مشعل "الريس ساركوزي"،كما ينادي الرئيس الفرنسي، و يتفهم اهتمام هذا الأخير بهذه القضية. لكن إسرائيل تعتقل 12 ألف فلسطيني في سجونها و الفلسطينيون ليس لديهم غير أسير واحد . و حماس مستعدة للتفاوض على إطلاق سراحه . بالمقابل طلب منا أن نزوده برسالة من والدي جلعاد و وعدنا بتسليمها له سريعا.
إن الغرفة التي كنا نتواجد فيها أنا و زوجتي تشبه إلى حد كبير تلك التي كان يستقبل فيها ياسر عرفات زواره أيام مجد منظمة التحرير الفلسطينية.
واسعة ،طويلة أكثر منها عريضة ، تحيط بها كراس يغطيها قماش أخضر و النوافذ مغطاة بقماش سميك أخضر أيضا،لون الإسلام. في طرف الغرفة و تحت صورة ضخمة لجامع الأقصى تفصل منضدة صغيرة ما بين كرسيين. و عليها جرس صغير يستخدمها مشعل من أجل طلب الشاي بالنعناع أو القهوة التركية.
و على النقيض من ياسر عرفات الذي يلومه مشعل لقبوله سلاما على مراحل ، فإن زعيم حماس ليس ممثلا بارعا و لا يحاول فتنة الشخص الذي يقابله. أكثر تواضعا من عرفات،استراتيجي اكثر منه دبلوماسي، لا يتردد بالتعبير عن مشاعره السلبية تجاه الرئيس المصري حسني مبارك و تجاه كل من الولايات المتحدة و محمود عباس، و الذي لم يفهم بحسب مشعل بأن القوة وحدها يمكن أن تجبر إسرائيل على القبول بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967.
إن الحديث عن حدود 1967 مع رجل كان و قبل أشهر قليلة يطالب بتدمير إسرائيل لهو تقدم مهم . و لكن كيف وصل إلى هنا و بعد سنوات طويلة من توصل فتح إلى القبول بهذه الصيغة؟ أعتقد بأن بشار الأسد ، حاميه، قد لعب دورا كبيرا في هذا التحول : الرئيس السوري يعلن بأنه يؤيد مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
ما هي الفروقات التي تميز مشعل عن محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية الذي يفاوض إسرائيل على الأسس ذاتها؟ إنها الإستراتيجية، فخالد مشعل يعرف بأن العالم العربي متجه إلى سلام شامل تحت ضغط غربي كبير . و هذا الغرب يشجع السلطة الفلسطينية على الوصول إلى تفاهم و صفقة. و لكن و بفعل الأزمة فإن الشعوب العربية ستعاني من الفقر أكثر و تحاول الاعتراض و سوف تستغل أول سبب حتى تتحرك. بالنسبة له فإن القضية الفلسطينية هي المحرض الأنسب. بالتالي فإن أي مواجهة في غزة لا تخيفه،على العكس من ذلك. فهو يملك الشرعية حسب ظنه، ألم تعطه الانتخابات الأخيرة الأغلبية في البرلمان الفلسطيني؟ و قد سلبت منه هذه الغالبية و لذلك قام بالاستيلاء على السلطة في غزة.
و من ثم هنالك الله ، أراد خالد مشعل معرفة رأيي حول الأديان . أنا علماني يهودي : لم يزعجه ذلك. بالمقابل أخبرته بأن الأديان سوف تلعب دورا أكثر أهمية في العالم : مما أسعده. و لكن هل يجب أن تبرر الأديان الحروب؟ يقاطعني: الحروب العادلة.
هل كان يعرف بأنه و في اللحظة التي افترقنا فيها في الثانية صباحا ، بأنه و في اليوم التالي بأن الحرب التي لم يكن يخشاها ستندلع؟
شهادة- قام الباحث و الكاتب اليهودي و الذي نشر مؤخرا رواية جديدة باسم "ملكة سبأ " عن دار روبرت لافون،بزيارة إلى دمشق التقى خلالها زعيم حماس خالد مشعل و ذلك قبل ساعات قليلة من الهجوم الإسرائيلي على غزة . في هذا اللقاء أثار خالد مشعل شروط الإفراج عن جلعاد شاليط المحتجز لدى حماس منذ العام 2006. كما أكد بأن حركته جاهزة لاتفاق مع إسرائيل و لكن على قاعدة حدود العام 1967. اتفاق لا يمكن و بحسب خالد مشعل أن يحقق إلا من خلال القوة.
" إن الجندي الإسرائيلي من أصول فرنسية جلعاد شاليط، الرهينة الشاب، المختطف منذ أكثر من عامين من قبل حماس، بصحة جيدة . و سيعامل بشكل جيد . إن حماس هي التي تمثل الشعب و ليس السلطة الفلسطينية . إن ما يريد محمود عباس الحصول عليه عن طريق المفاوضات ستحصل عليه حماس من خلال القوة . إن مطالب حماس قد تغيرت: فحماس مستعدة لاتفاق مع إسرائيل على قاعدة حدود العام 1967."
هذا ما أخبرني به خالد مشعل زعيم الحركة الإسلامية الفلسطينية. ففي الـ26 من كانون الأول الماضي و في منتصف الليل و عشية الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية كرد على إطلاق الصواريخ على المناطق الجنوبية من إسرائيل.
التقينا بخالد مشعل في إحدى ضواحي دمشق. فأصدقاء سوريون كانوا قد حضروا لهذا اللقاء منذ وقت طويل. تدرج حماس ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي.
فلو تحدث هابيل مع قابيل لما قتل الأخ أخاه . لطالما آمنت بأن على المرء أن يتحدث إلى عدوه. الكلمة هي السلاح الوحيد التي يمكن أن تمنع أو توقف الحرب. و إن تعلق الأمر بإنقاذ روح إنسانية فإن التوراة تسمح لنا بخرق حرمة السبت.
تطرقنا مع خالد مشعل إلى قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط. و أكد لنا بأن الجندي بخير و بأنه بتفهم قلق والديه و طلب من خلالنا بطمأنتهم.
برر مشعل نفسه قائلا : كان من الممكن لحماس أن يأخذ مدنيين كرهائن . و لكنه أسر عسكريا: أليس حماس و إسرائيل في حالة حرب؟ للأسف وقع الأمر على هذا الجندي من أصول فرنسية.
يحترم خالد مشعل "الريس ساركوزي"،كما ينادي الرئيس الفرنسي، و يتفهم اهتمام هذا الأخير بهذه القضية. لكن إسرائيل تعتقل 12 ألف فلسطيني في سجونها و الفلسطينيون ليس لديهم غير أسير واحد . و حماس مستعدة للتفاوض على إطلاق سراحه . بالمقابل طلب منا أن نزوده برسالة من والدي جلعاد و وعدنا بتسليمها له سريعا.
إن الغرفة التي كنا نتواجد فيها أنا و زوجتي تشبه إلى حد كبير تلك التي كان يستقبل فيها ياسر عرفات زواره أيام مجد منظمة التحرير الفلسطينية.
واسعة ،طويلة أكثر منها عريضة ، تحيط بها كراس يغطيها قماش أخضر و النوافذ مغطاة بقماش سميك أخضر أيضا،لون الإسلام. في طرف الغرفة و تحت صورة ضخمة لجامع الأقصى تفصل منضدة صغيرة ما بين كرسيين. و عليها جرس صغير يستخدمها مشعل من أجل طلب الشاي بالنعناع أو القهوة التركية.
و على النقيض من ياسر عرفات الذي يلومه مشعل لقبوله سلاما على مراحل ، فإن زعيم حماس ليس ممثلا بارعا و لا يحاول فتنة الشخص الذي يقابله. أكثر تواضعا من عرفات،استراتيجي اكثر منه دبلوماسي، لا يتردد بالتعبير عن مشاعره السلبية تجاه الرئيس المصري حسني مبارك و تجاه كل من الولايات المتحدة و محمود عباس، و الذي لم يفهم بحسب مشعل بأن القوة وحدها يمكن أن تجبر إسرائيل على القبول بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967.
إن الحديث عن حدود 1967 مع رجل كان و قبل أشهر قليلة يطالب بتدمير إسرائيل لهو تقدم مهم . و لكن كيف وصل إلى هنا و بعد سنوات طويلة من توصل فتح إلى القبول بهذه الصيغة؟ أعتقد بأن بشار الأسد ، حاميه، قد لعب دورا كبيرا في هذا التحول : الرئيس السوري يعلن بأنه يؤيد مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
ما هي الفروقات التي تميز مشعل عن محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية الذي يفاوض إسرائيل على الأسس ذاتها؟ إنها الإستراتيجية، فخالد مشعل يعرف بأن العالم العربي متجه إلى سلام شامل تحت ضغط غربي كبير . و هذا الغرب يشجع السلطة الفلسطينية على الوصول إلى تفاهم و صفقة. و لكن و بفعل الأزمة فإن الشعوب العربية ستعاني من الفقر أكثر و تحاول الاعتراض و سوف تستغل أول سبب حتى تتحرك. بالنسبة له فإن القضية الفلسطينية هي المحرض الأنسب. بالتالي فإن أي مواجهة في غزة لا تخيفه،على العكس من ذلك. فهو يملك الشرعية حسب ظنه، ألم تعطه الانتخابات الأخيرة الأغلبية في البرلمان الفلسطيني؟ و قد سلبت منه هذه الغالبية و لذلك قام بالاستيلاء على السلطة في غزة.
و من ثم هنالك الله ، أراد خالد مشعل معرفة رأيي حول الأديان . أنا علماني يهودي : لم يزعجه ذلك. بالمقابل أخبرته بأن الأديان سوف تلعب دورا أكثر أهمية في العالم : مما أسعده. و لكن هل يجب أن تبرر الأديان الحروب؟ يقاطعني: الحروب العادلة.
هل كان يعرف بأنه و في اللحظة التي افترقنا فيها في الثانية صباحا ، بأنه و في اليوم التالي بأن الحرب التي لم يكن يخشاها ستندلع؟